أنشطة فرنسا في مجلس أوروبا

حصة

تتمتّع فرنسا بعلاقة فريدة مع مجلس أوروبا الذي تحتضنه في أراضيها. ويحمي مجلس أوروبا، الذي يمثّل منظّمةً أساسيةً للدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون في أوروبا، من مقرّه في مدينة ستراسبورغ ما يربو عن 700 مليون أوروبي في 46 دولةً عضوًا فيه. وأصبحت فرنسا واحدة من مؤسسي المجلس من بين 9 بلدان أخرى، بعد التحاقها في 5 أيار/مايو 1949 بمعاهدة لندن التي تأسس المجلس بموجبها، وما تزال حتى اليوم وبعد مرور 75 عامًا على تأسيسه إحدى أكبر المساهمين فيه.

ويضم مجلس أوروبا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي كان السيد روني كاسين أول رئيس لها. والتحقت فرنسا منذ ذلك الحين بأكثر من 150 اتفاقًا ومعاهدةً في مجلس أوروبا.

رئاسة مجلس أوروبا
انتخبت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا الرئيس السابق للاتحاد السويسري السيد ألان بيرسي أوروبا كخلف للسيدة ماريا بايشينوفيتش في 26 حزيران/يونيو 2024.

شخصيات فرنسية عدّة خطّت تاريخ مجلس أوروبا

وأسهم رجل الدولة الفرنسي والأوروبي اللامع السيد روبير شومان في إنشاء مجلس أوروبا بصفته وزير الشؤون الخارجية الفرنسي وقتذاك. ويُعدّ أحد مؤسسي الاتحاد الأوروبي.

وشارك رينِه كاسين الحائز على جائزة نوبل للسلام وجائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تحرير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وهو أوّل من ترأس المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من عام 1965 إلى عام 1968.

وكانت الأمينة العامة للفترة ما بين عامي 1989 و1994 السيدة كاترين لالوميير، أول امرأة تتقلّد هذا المنصب وأدّت دورًا هامًا في التحاق بلدان أوروبا الشرقية بمجلس أوروبا.

وأدّت شخصيات فرنسية أخرى دورًا حاسمًا في مجلس أوروبا على غرار الأمين العام الأول السيد جاك كامي باريس وأول رئيس لمؤتمر السلطات المحلية والإقليمية السيد جاك شابان ديلما ورئيس المحكمة للفترة ما بين عامي 2007 و2011 السيد جان بول كوستا.

تحتضن فرنسا مقر مجلس أوروبا

تحتضن مدينة ستراسبورغ الفرنسية مقر مجلس أوروبا في قصر أوروبا الذي دُشّن في عام 1977. ويقع مقر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ أيضًا في قصر حقوق الإنسان.

وتلتزم الحكومة الفرنسية عبر الاتفاق الثلاثي السنوات "ستراسبورغ عاصمة أوروبية"، في دعم السلطات المحلية بغية دعم مختلف المؤسسات الأوروبية التي مقرّها ستراسبورغ ومن بينها مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي اللذين يمثلان مؤسستين مختلفتين.

وتُعدّ اللغة الفرنسية واللغة الإنكليزية اللغتين الرسميتين في المجلس منذ إنشائه.

انخراط فرنسا في أعمال المنظمة

تمثّل فرنسا منذ البداية أحد أهم المساهمين في المنظمة. وبلغت قيمة المساهمة الفرنسية 38،5 مليون يورو في عام 2023.

وتحظى فرنسا بإحدى أكبر البعثات في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا وفي مؤتمر السلطات المحلية والإقليمية فهي تضمّ 18 ممثلًا.

وتنخرط فرنسا انخراطًا ثابتًا في أعمال المنظمة، فهي إحدى الدول الأعضاء التي صدّقت على أكبر عدد من النصوص، أي ما يوازي 146 نصًا. وتشارك كذلك في زهاء اثني عشر اتفاقًا جزئيًا واسع النطاق ومن بينهم اللجنة الأوروبية للديمقراطية من خلال القانون ومرصد تعليم التاريخ في أوروبا وسجل الأضرار الناجمة عن العدوان الروسي على أوكرانيا.

وتعمل البعثة الدائمة لفرنسا لدى مجلس أوروبا كجهة اتصال بين السلطات الفرنسية ومجلس أوروبا. ويديرها السفير والمبعوث الدائم لفرنسا في مجلس أوروبا السيد باب ندياي منذ أول آب/أغسطس 2023.

وتدعم البعثة الدائمة لفرنسا لدى مجلس أوروبا بالإضافة إلى تمثيل المصالح الفرنسية في الأوساط السياسية، سنويًا عدة مشاريع تسهم في إشعاع مجلس أوروبا ومنها:

  • المنتدى العالمي للديمقراطية الذي يحشد كل عام في شهر تشرين الثاني/نوفمبر ناشطين وباحثين ومسؤولين ملتزمين في مجال الديمقراطية؛
  • المؤتمرات السنوية التي ينظمها مرصد تعليم التاريخ في أوروبا، وهو مشروع قائم على مبادرة الرئاسة الفرنسية للجنة الوزارية؛
  • محاكاة مفاوضات مجلس أوروبا (CoEMoN !) ومباراة ريني كاسين للنقاش الفرنكوفوني اللذان يتيحان للطلاب الأوروبيين استكشاف عمل المنظمة من الداخل.

دعم فرنسا نظام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان

بعد أن صدّقت فرنسا على الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 1974 وأقرّت الحق الفردي في اللجوء إليها في عام 1981، كيّفت فرنسا باستمرار قوانينها بما يتطابق ومتطلبات المحكمة. وهي تحرص على ضمان تطبيق الاتفاقية على الصعيد الوطني وتنفيذ قرارات المحكمة تنفيذًا تامًا وعلى وجه السرعة.

وتدعم فرنسا نظام الاتفاقية دعمًا كاملًا وأدّت دورًا أساسيًا في استعادة التزام رؤساء الدول والحكومات في نظام الاتفاقية الذي يمثّل ركيزةً لحماية حقوق الإنسان في مجلس أوروبا خلال الدورة الرابعة لمؤتمر القمة الذي عُقد في ريكيافيك في يومي 16 و17 أيار/مايو 2023.

ويضمّ مجلس أوروبا حاليًا 46 بلدًا عضوًا تشمل جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يمثّل أكثر من 700 أوروبي، وذلك بعد استبعاد روسيا في شهر آذار/مارس 2022 نتيجة عدوانها على أوكرانيا. وتتضافر الجهود من أجل إحقاق العدالة لأوكرانيا، إذ يؤدي مجلس أوروبا دورًا جوهريًا في إحصاء الأضرار الناجمة عن العدوان الذي شنّته الفدرالية الروسية، في حين تواصل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان النظر في الطلبات الفردية أو الدولية المرفوعة ضد روسيا نظرًا إلى الانتهاكات التي ارتكبتها قبل 16 أيلول/سبتمبر 2022.

وفرض مجلس أوروبا إلغاء عقوبة الإعدام تدريجيًا على البلدان الأعضاء فيه من خلال أحكام المحكمة بشأن الحق في الحياة وعبر البروتوكولين الإضافيين رقم 6 الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام في فترات السلام ورقم 13 الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام في جميع الظروف والأحوال. ويمثّل ذلك نضالًا لإلغاء عقوبة الإعدام ما وراء الحدود الأوروبية بدعمٍ فرنسي.

تم تحديث هذه الصفحة في تموز/يوليو 2024